تغطية شاملة

نظام يتيح إعادة البناء الجيني لسلالات الخلايا الحية

 وذلك بحسب دراسة أجراها علماء معهد وايزمان للعلوم

 ما هو الأصل الدقيق للخلايا الجذعية؟ متى تنقسم خلية معينة في الجنين النامي إلى خليتين، تتحول كل منهما إلى مسار نمو مختلف (على سبيل المثال، تتطور إحداهما إلى خلية عضلية، والأخرى إلى خلية عصبية)؟ كيف يتطور الورم السرطاني، وكيف ومتى تتشكل النقائل السرطانية؟ هذه مجرد بعض الأسئلة المفتوحة التي يسعى العديد من العلماء، في أنحاء مختلفة من العالم، منذ سنوات إلى تطوير طريقة لتتبع نسب كل خلية إلى جذورها الجينية، المتجذرة بعمق في البويضة المخصبة. نجح فريق متعدد التخصصات من العلماء من معهد وايزمان للعلوم مؤخرًا في تطوير طريقة لإجراء مثل هذا التتبع الجيني. وهذه أداة قد تفتح آفاقًا جديدة للباحثين في علوم الحياة في جميع أنحاء العالم في المستقبل المنظور. تم وصف النظام الجديد في مقال نشره العلماء مؤخرًا في المجلة العلمية PLoS Computational Biology.

والتقليد المقبول هو أن جميع خلايا الجسم تحتوي على نفس التسلسل من المادة الوراثية، ولكن في الواقع، في كل مرة تنقسم فيها الخلية، وتكرر مادتها الجينية لهذا الغرض، تحدث بعض أخطاء النسخ التي تؤدي إلى حدوث طفرات. عادةً ما تكون هذه عيوبًا صغيرة في التسلسل الجيني، والتي بالكاد تؤثر على وظيفة الخلية. لكن الباحثين دان فرومكين وآدم فاسرستروم من قسم الكيمياء البيولوجية في معهد وايزمان للعلوم أثاروا احتمال أن هذه التغييرات الجينية الصغيرة، التي تفتقر إلى الأهمية البيولوجية، تمثل معلومات قد تسمح بتتبع سلالات الخلايا. بتوجيه من البروفيسور إيهود شابيرا من قسم الرياضيات التطبيقية وعلوم الكمبيوتر، ومن قسم الكيمياء البيولوجية، وبالتعاون مع البروفيسور أوريل فيج من قسم الرياضيات التطبيقية وعلوم الكمبيوتر وطالب البحث شاي كابلان، تم قادرة على تقديم النتائج التي تدعم هذه النظرية غير التقليدية.

قد تكون سلاسل نسب الخلايا الحية أدوات مركزية لفهم العديد من جوانب التطور الجنيني - وهي العملية التي يتم من خلالها تكوين كائن متعدد الخلايا، مع العديد من الأنواع المختلفة من الكائنات الحية.

الأنسجة والخلايا، وتتطور من خلية واحدة مخصبة. حتى الآن، كانت قدرتنا على تتبع نسب الخلية الحية، على سبيل المثال خلية جلدية نأخذها من راحة أيدينا، محدودة للغاية، وذلك بسبب صعوبة مراقبة مئات المليارات من الخلايا في الوقت الحقيقي. تقع تحت سطح الكائنات الحية. فجسم الإنسان، على سبيل المثال، يحتوي على حوالي 100 تريليون خلية، الغالبية العظمى منها مخفية بطريقة ما. حتى الآن، تم تسجيل نوع واحد فقط من الدودة الصغيرة والشفافة، تسمى C. elegans، والتي تحتوي على حوالي ألف خلية فقط، على علم الأنساب الكامل لكل خلية من الألف خلية التي تتكون منها. كانت المراقبة الفورية للخلايا داخل الكائنات الأكبر حجمًا تعتبر حتى وقت قريب مهمة ضرورية للغاية، ولكنها مستحيلة.

وركز العلماء على دراسة مناطق معينة في الحمل الجيني تسمى "الأقمار الصناعية الدقيقة"، والتي من المعروف أنها تحتوي على طفرات كثيرة نسبيا. هذه الأقمار الصناعية الدقيقة هي أجزاء من الحمض النووي حيث يتكرر "تعبير" جيني معين، يتكون من عدة أحرف وراثية (نيوكليوتيدات)، بشكل متكرر، عدة مرات. وتظهر الطفرات التي تحدث فيها على شكل إضافات أو تقصير في طول المقطع. وتمكن العلماء من إثبات، بالاعتماد على النظرية الحالية لتكوين الطفرات في الأقمار الصناعية الدقيقة، أن هذه الطفرات الصغيرة تحتوي على معلومات كافية لحساب سلالات الأنساب الكبيرة والمعقدة بدقة، على غرار الأنساب الخلوية للكائنات الحية المعقدة مثل الفأر حديث الولادة، أو جنين بشري عمره أربعة أسابيع. وتحتوي كل منها على نحو مليار خلية خضعت لـ 40 عملية انقسام.

توجد في الخلايا السليمة آليات كيميائية حيوية تعمل على تصحيح الأخطاء الجينية ومنع معظم الطفرات، إلا أن الخلل الجيني النادر الذي يدمر هذه الآليات، في النباتات والحيوانات، يتسبب في تراكم الطفرات بمعدل متزايد، مما يسمح للعلماء بحساب الأنساب عن طريق قياس نسبة نسبية عدد قليل من الأقمار الصناعية الصغيرة. هناك حوالي 1.5 مليون قطعة جينية من الأقمار الصناعية الدقيقة معروفة في الجينوم البشري والفأري، لكن النظام الذي طوره العلماء يكتفي بشرائح أقل بكثير لتحليل المعلومات الوراثية وحساب أجزاء كبيرة من سلالات الخلايا.

والنظام الذي طوره العلماء مبني على جهاز آلي يقوم بأخذ عينات من المادة الوراثية المناسبة، ومقارنتها بعينات مأخوذة من خلايا أخرى لنفس الكائن الحي. وفقا لبيانات المقارنة
يحدد النظام طفرات معينة، ويحلل المعلومات باستخدام خوارزمية (وصفة عمل محوسبة) تحدد درجة القرب بين الخلايا وترسم الأنساب. تم استعارة هذه الأداة من العلماء المشاركين في دراسة التطور، والذين يستخدمون هذه الخوارزميات لرسم الأشجار التطورية للأنواع والأجناس والسلاسل والعائلات من النباتات والحيوانات.

ولاختبار مدى موثوقية النظام الجديد، تابع العلماء الخلايا التي انقسمت وتضاعفت في ظل ظروف معملية، وسجلوا ملاحظاتهم في السجل الذي أنشأ نموذجًا لسلالات الخلايا. ثم قم بتفعيل النظام الذي قمت بتطويره من نقطة البداية للخلية الأخيرة في السلسلة. النتيجة: النظام، الذي اكتفى بمقارنة الطفرات التي حدثت في 50 مقطعًا من الأقمار الصناعية الصغيرة، كان قادرًا على إعادة إنتاج سلالات الأنساب كما تطورت فعليًا بنجاح كامل، من بين عشرات المليارات من الاحتمالات النظرية. وفي التجربة التالية، يعتزم العلماء اختبار قدرة نظامهم على متابعة سلالات الخلايا في الفئران التي تفتقر إلى آليات تصحيح الأخطاء التي تحدث في الحمض النووي. وفي الوقت نفسه، يسعى بعض العلماء بالفعل إلى استخدام النظام الجديد في التجارب المتقدمة في أبحاث السرطان وكذلك في دراسة أمراض الجهاز المناعي. يقول البروفيسور شابيرا: "من الممكن أن تشكل هذه الطريقة في المستقبل أساسًا لمشروع عالمي لحساب أنساب الخلايا البشرية".
 

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.