تغطية شاملة

الحجم الصحيح للنسخ الجينية

في معظم الحالات، لا تسبب الزيادة أو النقصان في النسخة الجينية أي ضرر، ولكن في بعض الحالات يمكن أن تسبب كمية غير طبيعية منها أمراضًا.

مقارنة بين دماغ فأر ينتج كميات زائدة من بروتين LIS1 (يمين)، ودماغ فأر تحكم ينتج كميات طبيعية من البروتين (يسار). يمثل اللون الأخضر والأحمر طبقتين مختلفتين في دماغ الفأر. ويمكن ملاحظة أن الطبقة الحمراء أوسع في فأرة التحكم، وأن ترتيب الخلايا في هذا الفأر أكثر تنظيماً
مقارنة بين دماغ فأر ينتج كميات زائدة من بروتين LIS1 (يمين)، ودماغ فأر تحكم ينتج كميات طبيعية من البروتين (يسار). يمثل اللون الأخضر والأحمر طبقتين مختلفتين في دماغ الفأر. ويمكن ملاحظة أن الطبقة الحمراء أوسع في فأرة التحكم، وأن ترتيب الخلايا في هذا الفأر أكثر تنظيماً

القياس الصحيح هو وصفة مجربة للنجاح في الطبخ، وإدارة العواطف، والعديد من المجالات الأخرى، بما في ذلك علم الوراثة. على سبيل المثال، يلعب الجين المسمى LIS1 دورًا أساسيًا في تنظيم الخلايا العصبية في الدماغ النامي. عندما يفتقر الجنين إلى نسخة واحدة من جين LIS1، فإن دماغه لا يطور الطيات المميزة، ويولد مصابًا بمتلازمة "الدماغ السلس" (lissencephaly). هؤلاء الأطفال يعانون من تخلف عقلي شديد. ولكن ماذا يحدث إذا كان لدى الجنين عدة نسخ من هذا الجين؟ وأظهرت دراسة جديدة أجراها البروفيسور أورلي راينر، من قسم علم الوراثة الجزيئية في معهد وايزمان للعلوم، أن النسخ المتعددة من LIS1 قد تسبب أيضًا مشاكل طبية مختلفة.

اكتشف البروفيسور راينر سابقًا العلاقة بين LIS1 ومتلازمة الدماغ الملساء. وفي الدراسة الجديدة، نجحت مع أعضاء فريقها البحثي في ​​اكتشاف دور الجين وسبب تأثير نقصه أو نسخه المتعددة على الدماغ النامي. وتبين أن LIS1 يلعب دورًا مهمًا في تحديد القطبية في الخلية، أي الطريقة التي يتم بها ترتيب العضيات المختلفة داخل الخلية، والمناطق التي تنتج فيها الخلية جزيئات تعمل كمواقع اتصال مع الخلايا المجاورة. تغير الخلايا العصبية قطبيتها عدة مرات أثناء عملية التطور الجنيني. تتغير القطبية، على سبيل المثال، عندما تنقسم الخلية الجذعية بشكل غير متماثل، بحيث تتشكل خلية جذعية، وخلية ابنة أخرى تبدأ في التمايز إلى خلية عصبية. تلعب القطبية أيضًا دورًا في هجرة الخلايا العصبية الصغيرة من منطقة إلى أخرى في الدماغ الجنيني.

وتبين إحدى أحدث النتائج في دراسة الجينوم البشري أن العديد من الجينات - التي يقدر عددها بنحو 3,000 جين - قد تظهر في أشخاص مختلفين بكميات متفاوتة من النسخ. إلى الكمية العادية وهي نسختين - واحدة من الأم والأخرى من الأب - يجوز إضافة نسخة إضافية. وفي حالة شائعة أخرى، تكون إحدى النسختين مفقودة. وعلى الرغم من أن معظم الجينات ليست حساسة للتغيرات في عدد النسخ، فإن زيادة أو نقص النسخة الجينية لا يسبب أي ضرر، ولكن في بعض الحالات، يمكن أن تسبب كمية غير طبيعية منها أمراضًا.

قام الدكتور تمار سابير وتاليا ليفي، من مجموعة أبحاث البروفيسور راينر، بتطوير فئران نموذجية تتكون في أدمغتها كمية زائدة من بروتين LIS1 (نتيجة لتضاعف جين واحد). وهكذا اتضح أن الدماغ الذي ينتج كمية كبيرة وفائضة من LIS1 يكون أصغر من الطبيعي. وكشف فحص أعمق أن نوى الخلية في منطقة التكاثر تميل إلى التحرك بشكل أسرع من النوى الطبيعية، وهو ما قد يشير إلى وجود مشاكل في دورة الخلية للخلايا الجذعية الجنينية في الدماغ. وبالإضافة إلى ذلك، كانت حركتهم أقل سيطرة. وكانت هجرة الخلايا العصبية إلى المنطقة الخارجية من القشرة الدماغية أبطأ، ويموت خلالها عدد أكبر من الخلايا، وهو ما قد يفسر انخفاض حجم الدماغ. وأظهر اكتشاف آخر أن الزيادة في مستوى بروتين LIS1 تسببت في اضطراب أكبر لعوامل مختلفة في الخلية.

هل نتائج الدراسة على الفئران صالحة أيضًا على البشر؟ للإجابة على هذا السؤال، تعاون علماء المعهد مع البروفيسور جيم لوفسكي والدكتور ويمين بي من كلية بايلور للطب في هيوستن، تكساس. قاموا معًا باختبار عينات الدم باستخدام طريقة تقارن الحمض النووي للأشخاص المرضى مع الأشخاص الأصحاء. وبهذه الطريقة، تم العثور على سبعة أشخاص يعانون من مشاكل تنموية مختلفة، وتم اكتشاف نسخ متعددة من LIS1 في كل منهم أو أحد الجينات المجاورة له، والتي تلعب أيضًا دورًا في نمو الدماغ. وتظهر نتائج البحث، التي نشرت مؤخرا في مجلة Nature Genetics، تأثير مضاعفة جين واحد في الفئران النموذجية، وربطه بمرض جديد يحدث لدى الإنسان نتيجة الاختلافات الجينية.

من اليمين: د. تمار سابير، تاليا ليفي والبروفيسور أورلي راينر. قطبية
من اليمين: د. تمار سابير، تاليا ليفي والبروفيسور أورلي راينر. قطبية

البروفيسور راينر: "التباين في عدد نسخ الجينات أكثر شيوعًا من الطفرات، ويظهر بحثنا أن مضاعفة عدد نسخ الجين الواحد يكفي للتسبب في المرض. تشير الدراسات إلى أن أمراض مثل الفصام والصرع والتوحد ترتبط بالتغيرات في عدد نسخ جينات معينة. ومن المحتمل أن يكون السبب في ذلك هو أن النسخ الزائدة أو المفقودة تؤثر على العمليات الأساسية في الدماغ، مثل هجرة الخلايا العصبية".

باختصار: السؤال: هل يمكن أن تؤدي النسخ المتعددة من الجين Lis1 - الذي يؤدي نقصه إلى الإصابة بمتلازمة "الدماغ السلس" - إلى تطور اضطرابات طبية؟

النتائج: أدى تضاعف هذا الجين في الفئران إلى نمو دماغ أصغر، وتعطيل عمليات هجرة الخلايا العصبية، وانتهك الترتيب الطبيعي للعوامل المختلفة في الخلايا العصبية في الدماغ. وفي اختبارات الدم للمرضى الذين يعانون من مشاكل تنموية مختلفة، تم العثور على نسخ متعددة من هذا الجين أو الجينات المجاورة له.

תגובה אחת

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.