تغطية شاملة

آلة الحقيقة في الدماغ

إن الاختلاف في أنماط نشاط الدماغ يجعل من الممكن التمييز بين المصابين بالشلل الحقيقي وأولئك الذين يتظاهرون بذلك

أظهر الأشخاص الذين تم تنويمهم مغناطيسيًا للاعتقاد بأنهم مصابون بالشلل بالفعل أنماط نشاط دماغي مشابهة للمرضى الذين يعانون من شلل حقيقي.

يذهب رجل إلى طبيبه ليشكو من شلل في ساقه. يقوم الطبيب بإجراء سلسلة من الاختبارات لكنه لا يكتشف أي مشكلة جسدية. ويرجح أن يكون السبب نفسيا، وهو ما يعرف بـ"الشلل الهستيري"، الذي تعود جذوره إلى صدمة نفسية أو عاطفية، ويحيل المريض إلى طبيب نفسي. لكن هناك احتمال آخر وهو أن المريض ببساطة يتظاهر. وعندما يكون الدليل الوحيد المتاح للطبيب هو كلام المريض، فإن فرصه في التمييز بين المحتال والشخص الذي يعاني من مرض نفسي حقيقي تكون ضئيلة. لكن اختبار تصوير الدماغ الجديد قد يغير ذلك.
وجد نيك وارد من جامعة كوليدج لندن وزملاؤه فرقا مذهلا بين نمط نشاط الدماغ عندما يتظاهر الشخص بأنه غير قادر على تحريك ساقه والنمط الذي يظهر لدى ذلك الشخص عندما لا يستطيع حقا تحريك ساقه. ويعتقدون أن هذه الاختلافات يمكن أن تكون بمثابة أساس للتدقيق، مما قد يكشف عن المحتالين الذين يقدمون ادعاءات كاذبة للحصول على تعويض أو علاج أو إجازة مرضية.

بالطبع هناك صيد هنا. كان من المستحيل إجراء التجربة على الأشخاص الذين كانوا يعانون بالفعل من الشلل الهستيري، لأن هؤلاء الأشخاص لن يكونوا قادرين على التظاهر بالتزييف. ولذلك، قرر الباحثون إحداث حالات الشلل والخداع لدى متطوعين أصحاء تحت التنويم المغناطيسي. تم اختيار عشرات الرجال بعد الاختبارات هالقياسات النفسية لقد أظهروا أنهم عرضة جدًا للإيحاء. تم تنويم الرجال مغناطيسيًا ثم قيل لهم إنهم غير قادرين على تحريك ساقهم اليسرى على إيقاع بندول الإيقاع، أو أنه يتعين عليهم إقناع مراقب يرتدي معطفًا أبيض بأنهم غير قادرين على القيام بذلك، على الرغم من أنهم هم أنفسهم يعرفون أن كل شيء على ما يرام. بخير معهم. تم أولاً تنويم كل متطوع في التجربة ليتصرف وفقًا للخيار الأول، ثم تم تنويمه مغناطيسيًا مرة أخرى ليتصرف وفقًا للخيار الثاني. وفي كل مرة يتم تصوير نشاط دماغ الشخص باستخدام التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET).

أجرى المراقب الذي يرتدي المعطف الأبيض، والذي لم يكن يعرف من كان يتظاهر ومن لم يكن، اختبارات عصبية مختلفة وراقب نشاط عضلات ساق المتطوعين باستخدام أقطاب كهربائية متصلة بالجلد. ولم يتمكن من التفريق بين المجموعتين. لكن اختبارات الدماغ أظهرت اختلافات ملفتة وثابتة بينهما.

أولئك الذين تم تنويمهم مغناطيسيًا للاعتقاد بأنهم مصابون بالشلل الحقيقي أظهروا أنماطًا مماثلة من نشاط الدماغ لتلك الموجودة في المرضى الذين يعانون من الشلل الحقيقي، الناجم عن أسباب عقلية، والتي فحصها الباحثون في دراسة سابقة. فبينما كانت مناطق الدماغ المشاركة في تحضير الحركة أو تخيلها -ما يعرف بالاستجابة الحركية- نشطة، كانت المناطق المشاركة في بدء الحركة صامتة. ووفقا لبيتر هاليجان، عالم النفس في الفريق، فإن هذا يعني أن هؤلاء الأشخاص لم يختاروا عدم التحرك؛ إنهم حقا لا يستطيعون فعل ذلك. في المقابل، في الأشخاص المزيفين، لاحظ الباحثون نشاطًا متزايدًا في مناطق الدماغ المرتبطة بالتخطيط الواعي، خاصة في قشرة الفص الجبهي. ومن هذا استنتجوا أنهم منعوا عن عمد الاستجابة الحركية. وفي هؤلاء "المقلدين" أيضًا، كما هو الحال في نظرائهم "المشلولين"، يتم تفعيل
مناطق الاستعداد المروري. ولكن بعد ذلك بدأت مناطق التخطيط الواعي في العمل لمنع حدوث الحركة.
ويرى الدكتور هاليغان أن هذه التقنية تتيح تحسين الطرق التقليدية لكشف الكذب، والتي تعتمد على مراقبة التغيرات في المقاومة الكهربائية للجلد الناتجة عن التعرق. وذلك لأن استجابة الدماغ للخداع يتم قياسها، دون الظواهر الفسيولوجية المصاحبة للاستجابة.

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.