تغطية شاملة

التشابك الكمي بين الأحداث

وفي مقال نشر في مجلة Nature Communication، وصف الباحثون لأول مرة التشابك الكمي بين الأحداث. يصف المقال كيف يسمح مبدأ السببية بالاشتراك مع نظرية الكم بتغيير ترتيب الأحداث أو يسمح لها بالوجود في وقت واحد

رسم توضيحي للتجربة الفكرية المنشورة في مقالة كتبها إيجور بيكوفسكي وزملاؤه حول التشابك الكمي بين الأحداث. تصوير: ماجدالينا زيتش، إيجور بيكوفسكي

تشتهر نظرية الكم بالظواهر الغامضة التي تتناقض مع المنطق الطبيعي لنا جميعا. يمكن للجسيمات أن تخترق الجدران، وأن تتواجد في عدة أماكن في نفس الوقت، بل وتتحد وتتواجد ككيان واحد حتى لو كانت أجزائه متباعدة بسنوات ضوئية. ويطلق العلماء على الظاهرة الأخيرة اسم "التشابك" لأن الجسيمات التي تعبر عن مثل هذه الخصائص يتشابك مصيرها عند قياسها. كان التشابك بمثابة عسل ولدغة نظرية الكم، ويعتبر ظاهرة إعجازية ولكن العلماء اعتبروها بمثابة المفجر للنظرية بأكملها. ومنهم أينشتاين الذي قدم ظاهرة التشابك للعالم لأول مرة وإلى جانبها إشكاليتها فيما يتعلق بمبدأ المحلية.

على الرغم من أن الكثيرين يعتقدون أن أينشتاين كان معارضًا تمامًا لنظرية الكم، فقد نُقل عنه قوله إن نظرية الكم مثيرة للإعجاب بالفعل. وأضاف إلى جانب هذه الكلمات أن شعوره الداخلي يوحي بأن هذه ليست نهاية القصة. وصعوبة ظاهرة التشابك تنبع من الفكرة الأعمق فيما يتعلق بالواقع - هل الواقع محدد وقت القياس ويتأثر بالمشاهد أم أنه محدد مسبقا لكنه مخفي عنا حتى نفتح أعيننا؟ شعور أينشتاين الداخلي مشترك بيننا جميعًا تقريبًا، ربما يؤثر على الأطفال عندما يخفون أعينهم، لكننا نعلم جميعًا أن وجودنا لا يعتمد على نظرة الطفل. ولحل المشكلة، اقترح الفيزيائي بيل مجموعة من القواعد الأساسية لتحديد ما إذا كان القياس يتم تفسيره بالفعل على أنه كمي، مما يعني أن التشابك هو التفسير الوحيد للملاحظة أو ما إذا كانت هناك بالفعل خصائص مخفية في الطبيعة تم اكتشافها في ذلك الوقت. القياس ومحددة سلفا. بفضل بيل والقياسات التي لا تعد ولا تحصى في المختبرات حول العالم، نعلم اليوم أن الفيزياء تخضع لنظرية الكم. إن الظاهرة الغريبة التي تربط مصير الجسيمات في الطبيعة وتؤثر عليها بشكل فوري موجودة في عالمنا.

على الرغم من أن الجسيمات يمكن أن تؤثر على بعضها البعض بشكل فوري دون أن تؤثر المسافة عليها، إلا أن قوانين السببية لا تزال سارية. الماضي ينتمي إلى الماضي، والحاضر هو الآن، والمستقبل لم يصل بعد. وفي دراسة أجراها باحثون من أستراليا والولايات المتحدة، طُرح السؤال، هل يمكن لظاهرة التشابك أن تؤثر على الأحداث الطبيعية؟ نظرية الكم مثل النسبية العامة تحافظ على مبدأ السببية. فحدث في الماضي يؤثر على حدث في المستقبل وليس العكس. بالإضافة إلى ذلك فإن النظرية النسبية تمنح كل نقطة في الفضاء ساعة فريدة تعتمد على الطاقة الكلية في بيئتها أو في وجود أجسام ضخمة. ولا يزال هذا المبدأ يعرف بأنه ظاهرة كلاسيكية (غير كمومية)، لأن السببية تتأثر بمتغيرات محددة سلفا. وكان السؤال الواضح هو كيف تؤثر نظرية الكم على مبدأ السببية؟ عندما يمكن لجسم ضخم أن يتواجد في عدة أماكن في نفس الوقت، فيجب أن يؤثر ذلك على الساعات المحيطة به، لكن كيف؟ ما هي ساعة الجسم البعيدة والقريبة من نجم ضخم؟ كيف سيبدو الفضاء الزمني في مثل هذه الحالة؟ وبدون معرفة كيف يبدو الفضاء، يجد الباحثون صعوبة في وصف الحالات الكمومية الموجودة فيه، وخاصة تطورها عبر الزمن.

حتى أن الدراسات السابقة أشارت إلى أن المواقف التي تشتت الأجسام الضخمة في عدة أماكن في نفس الوقت ليست فيزيائية وسوف تنهار بسرعة كبيرة للحفاظ على مبدأ السببية والتطور الكلاسيكي لنظرية الجاذبية. حتى الآن، حتى نظريات الجاذبية الكمومية المختلفة غير قادرة على وصف ظاهرة التشابك العياني مع الأجسام الضخمة. أحدث الأبحاث يقدم هذا المنشور المنشور في مجلة Nature مثالاً أوليًا لهذه الظاهرة، وهو قادر على التقييم بطريقة مشابهة لطريقة بيل فيما إذا كانت الأحداث متشابكة كميًا أم أنها كانت يد الصدفة بناءً على متغيرات مخفية.

لن أخوض في عمق الأفكار، ولكن يمكننا إجراء التجربة الفكرية التالية: تخيل سفينتين فضائيتين تسيران أمام بعضهما البعض بحيث يُطلب منهما في لحظة معينة إطلاق النار على بعضهما البعض وفي لحظة أخرى التوقف إطلاق النار. إذا انطلقت إحدى المركبات الفضائية قبل الموعد المتوقع، فقد يؤدي ذلك إلى تدمير المركبة الفضائية الأخرى. لنفترض الآن أننا وضعنا جسمًا ضخمًا بينهما، على سبيل المثال كوكب، بحيث تكون إحدى المركبات الفضائية قريبة بدرجة كافية من النجم بحيث لا يتم ضبط الساعات. في مثل هذه الحالة، ستحاول سفينة الفضاء الأخرى إيقاف الحريق بعد فوات الأوان أو إطلاق النار في وقت مبكر جدًا وسيتم تدمير كليهما. إذا أضفنا ميكانيكا الكم إلى القصة وقمنا ببناء سفينة الفضاء بحيث تكون قريبة وبعيدة عن الكوكب في نفس الوقت، فسوف تتشابك حالتها مع سفينة الفضاء الأخرى بحيث تصف الحالة الفيزيائية نظامًا تكون فيه سفن الفضاء إما تدميرها بالكامل أو حفظها معًا حتى لحظة القياس.

هذه بالتأكيد هي المرة الأولى التي يوضح فيها الباحثون تأثير الجاذبية على التشابك الكمي على المستوى العياني، ويصفونه رياضيًا ويقدمون اختبارًا واضحًا مشابهًا للاختبار الذي اقترحه بيل. مثل هذه الفكرة يمكن أن تشكل أساسًا أعمق لنظريات الجاذبية الكمومية المتقدمة. الوصف الرياضي المنشور في المقال يعتمد بالكامل على ميكانيكا الكم عند الطاقات المنخفضة. لدمج نظرية الجاذبية وميكانيكا الكم بعمق التفاصيل، من المهم أيضًا تضمين مقاييس الطاقة العالية. ويأمل الباحثون أن يكون هذا مصدر إلهام لما قد تبدو عليه نظرية الجاذبية الكمومية عند الطاقات المنخفضة.

للمادة العلمية

المزيد عن الموضوع على موقع العلوم:

תגובה אחת

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.