التأمين والمناخ وما بينهما: فرصة لتحويل الأزمة إلى فرصة

تشير دراسة أجريت في جامعة تل أبيب إلى تآكل الربحية بنسبة 11٪ - 100٪ في تأمين أصحاب المنازل في الولايات المتحدة بحلول نهاية القرن بسبب الأعاصير - ولكن أيضًا إمكانية الاستفادة من الخسائر المتوقعة للاستثمارات المناخية التي ستغطي 14٪ - 85٪ من أهداف خفض الانبعاثات.

فرصة لتحسين المناخ من خلال حوافز التأمين. صورة توضيحية: depositphotos.com
فرصة لتحسين المناخ من خلال الحوافز التأمينية. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com

لم يعد تغير المناخ مجرد سيناريو مستقبلي، بل أصبح واقعًا يوميًا. تتزايد وتيرة وشدة الأحداث المتطرفة، كالأعاصير والفيضانات والحرائق، مسببةً أضرارًا جسيمة ومهددةً الاقتصاد العالمي بأكمله. ويُعد قطاع التأمين، الذي يتصدر الاستجابة الاقتصادية للكوارث الطبيعية، أكثر القطاعات تأثرًا بهذه التغيرات. فمع تزايد الخسائر، ترتفع معدلات المطالبات، وتتراجع الربحية، ويصبح مستقبل سوق التأمين الخاص في خطر.

في دراسة حديثة أجريت في جامعة تل أبيب، بالتعاون مع شركاء من إسرائيل وخارجها، درسنا الآثار الاقتصادية لتغير المناخ على سوق تأمين المنازل في الولايات المتحدة. تشير نتائجنا إلى انخفاض حاد في ربحية شركات التأمين - ما بين 11% و100% بحلول نهاية القرن - نتيجةً لزيادة أضرار الأعاصير. وستكون النتيجة الحتمية ارتفاع أقساط التأمين وانخفاض التغطية التأمينية. وفي الحالات القصوى، قد نشهد انهيارًا حقيقيًا لسوق التأمين الخاص.

لكن في هذا التحدي تكمن إمكانات هائلة. تتمتع شركات التأمين بنفوذ مالي هائل - حوالي 15% من رأس المال في الولايات المتحدة - وميزة فريدة في الاستثمارات طويلة الأجل. وبدلاً من اعتبار نفسها "ضحايا" لأزمة المناخ، يمكنها أن تصبح عناصر فاعلة في مكافحتها. إذا وُجّهت خسائر الربحية المتوقعة إلى الاستثمار المباشر في تقنيات خفض الانبعاثات - مثل احتجاز الكربون - يمكن لقطاع التأمين أن يُسهم إسهامًا حقيقيًا في تحقيق أهداف المناخ. في الواقع، تُظهر حساباتنا أن هذه الاستثمارات يمكن أن تُغطي ما بين 14% و85% من أهداف خفض الانبعاثات العالمية.

يتطلب هذا أيضًا تفكيرًا سياسيًا أوسع. فالحكومات معتادة على التدخل عند انهيار سوق التأمين الخاص - على سبيل المثال، من خلال برامج التأمين الحكومية التي تدعم المخاطر التي يصعب إدارتها. لكن هذه الحلول تأتي بتكلفة عامة باهظة، بل إنها تشجع أحيانًا على الاستيطان في أماكن خطرة. في المقابل، إذا تمكن النظام المالي من تخصيص موارد للوقاية والاستجابة مسبقًا، فسيستفيد الجمهور من تغطية تأمينية موثوقة إلى جانب انخفاض حقيقي في المخاطر البيئية.

علاوة على ذلك، ثمة فرصة لتغيير العقلية. لسنوات عديدة، وُصفت شركات التأمين بأنها "حارس" الاقتصاد، أي أنها التي تغطي الأضرار بعد وقوعها. أما الآن، فقد اتضح أنها قادرة أيضًا على أن تكون عوامل تغيير: فهي تستثمر في التقنيات الخضراء، وتُقدم نموذجًا يُحتذى به في النظام المالي، وتُشكل جسرًا بين اقتصاد اليوم واقتصاد الغد. فبدلًا من أن تكون مجرد رد فعل، يُمكن لشركات التأمين أن تكون استباقية، وأن تُساهم بشكل مباشر في بناء مستقبل أكثر أمانًا.

استنتاجي واضح: لمعالجة تغير المناخ، لا يكفي التنظيم أو الحكومات وحدها. يجب إشراك كبار اللاعبين الماليين في هذه العملية، وشركات التأمين هي كذلك. إذا أدركوا الفرصة، فسيصبحون ليس فقط حراسًا ضد الكوارث، بل أيضًا محركات حقيقية للتغيير.

تم إجراء البحث تحت قيادة طالب الدكتوراه موران نيبريسكي والبروفيسور كولين برايس من قسم الجيوفيزياء في جامعة تل أبيب، بالتعاون مع البروفيسور روسلانا راشيل بلاتنيك من الكلية الأكاديمية عيمق يزرعيل وجامعة حيفا.

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismet لتصفية التعليقات غير المرغوب فيها. مزيد من التفاصيل حول كيفية معالجة المعلومات الواردة في ردك.