ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى انخفاض دخل الفرد بنسبة تصل إلى 24% بحلول نهاية القرن

يُحذّر تحليل جديد شمل 174 دولة من أن الدول الفقيرة ذات المناخ الحار ستتضرر بشدة. فالتكيف وحده لن يمنع الخسائر.

مستقبل الأرض المظلم دون اتخاذ إجراءات بشأن أزمة المناخ. صورة توضيحية: depositphotos.com
المستقبل المظلم للأرض دون اتخاذ أي إجراء بشأن أزمة المناخ. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com

دراسة جديدة نشرت فيالمناخ PLOS يكشف الباحثان كاميار محدث ومهدي رئيسي عن توقعات مُقلقة بشأن العواقب الاقتصادية الكلية لتغير المناخ بحلول نهاية القرن. تُركز الدراسة على ما سيحدث لدخل الفرد في 174 دولة إذا استمر ارتفاع درجة حرارة العالم بالمعدل الحالي، وما هي الاختلافات بين السيناريوهات المختلفة للانبعاثات والتكيف والركود.

وفقًا للنتائج، في سيناريو الانبعاثات العالية - حيث تستمر درجة حرارة الأرض في الارتفاع بمعدل سريع - قد ينخفض ​​دخل الفرد العالمي بما يصل إلى 20-24% بحلول عام 2100هذه ضربة قاصمة ستؤدي إلى خسائر تُقدر بتريليونات الدولارات للاقتصاد العالمي. وحتى في سيناريوهات الانبعاثات الأكثر اعتدالًا، يشير الباحثون إلى انخفاضات كبيرة في 7-13% في دخل الفرد، مما يشير إلى أن التأثيرات حتمية حتى لو كان الاحترار أقل تطرفا.

من سيتأذى أكثر؟

تُظهر الدراسة أن الدول الأكثر فقرًا وحرارةً هي الأكثر عرضةً للخطر. ففي هذه المناطق، سيُفاقم الاحترار العالمي الصعوبات القائمة، مثل تدهور المحاصيل، وانخفاض إنتاجية العمل بسبب الإجهاد الحراري، وتضرر البنية التحتية الأساسية. من ناحية أخرى، قد تُعاني الدول الأكثر برودةً بدرجة أقل، ولكن من المتوقع أيضًا أن تُعاني من خسائر في الدخل بسبب تسارع الاحترار العالمي وتداعياته على الاقتصاد العالمي.

ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الدخول: الآثار الاقتصادية الكلية لسيناريوهات المناخ على البلدان. ​​كاميار محدث، مهدي رئيسي
ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الدخول: الآثار الاقتصادية الكلية لسيناريوهات المناخ على الدول. الرقم الإيجابي في العمود الثاني من اليسار هو سيناريو تُنفَّذ فيه توصيات اتفاقية باريس. كاميار محدث، مهدي رئيسي

التكيف لا يكفي

كما درس الباحثون إمكانية التكيف - بالاستثمار في تدابير مثل أنظمة تكييف الهواء، وتغيير مزيج المحاصيل، وتحسين البنية التحتية. ومع ذلك، ووفقًا للنتائج، التكيف وحده لا يمكنه القضاء على الآثار السلبيةوحتى البلدان التي تتمكن من التكيف سوف تعاني من خسائر اقتصادية كبيرة، وذلك ببساطة لأن معدل الاحتباس الحراري سريع للغاية مقارنة بقدرة الأنظمة البشرية والاقتصادية على التكيف.

الركود كعامل رئيسي

تشير الدراسة إلى الأهمية الحاسمة لتدابير التخفيف - خفض الانبعاثات وتحقيق أهداف اتفاقية باريس. إذا تمكن العالم من الحد من الاحترار العالمي إلى 0.01 درجة مئوية سنويًا، فقد تنخفض الخسائر إلى حوالي1% فقط من دخل الفردوقد يكون هناك حتى مكسب عالمي معتدل قدره 0.25%يوضح هذا الشكل إلى أي مدى يمكن للركود أن يغير الصورة الاقتصادية على المدى الطويل.

طرق البحث

استخدم الباحثون أحدث سيناريوهات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ونماذجها المتطورة التي تجمع بين البيانات المناخية والاقتصادية. وقد مكّنهم ذلك من تقديم تقديرات أكثر موثوقية من الدراسات السابقة، التي استندت إلى نطاق محدود من المؤشرات أو لم تأخذ جميع البلدان في الاعتبار. ويتيح هذا المزيج إجراء تحليل عالمي شامل، بالإضافة إلى تحديد مواطن الضعف الخاصة بكل دولة.

الآثار السياسية

الاستنتاجات التي خرجت بها الدراسة لا لبس فيها:

  • يجب على الحكومات أن تتحد تعديل (التكيف) وركود (التخفيف).
  • إن الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة في البلدان النامية أمر ضروري لتقليل الخسائر.
  • إن التعاون الدولي ضروري لمنع نشوء حالة تتحمل فيها البلدان الأكثر ضعفاً عبئاً ثقيلاً دون أن تتاح لها فرصة حقيقية لحماية مواطنيها.

ويؤكد الباحثون أن التهديد لا يقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل إنه في المقام الأول الاقتصادية والاجتماعيةإن انخفاض دخل الفرد بما يصل إلى الربع يعني زيادة حادة في عدم المساواة، وزيادة الفقر، والإضرار بفرص التنمية لأجيال بأكملها.

رسالة الباحثين واضحة: تغيّر المناخ ليس تحديًا بيئيًا فحسب، بل يُشكّل أيضًا خطرًا على بنية الاقتصاد العالمي. وبينما ستتمكن بعض الدول من التكيف جزئيًا، إلا أنه دون خفض الانبعاثات على نطاق واسع، ستكون الخسائر هائلة ولا رجعة فيها. وتدعو الدراسة إلى اتخاذ إجراءات عالمية منسقة، ليس فقط من أجل البيئة، بل من أجل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للعالم أجمع.

للمادة العلمية

المزيد عن الموضوع على موقع العلوم:

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismet لتصفية التعليقات غير المرغوب فيها. مزيد من التفاصيل حول كيفية معالجة المعلومات الواردة في ردك.