تغطية شاملة

استخدم باحثون أمريكيون بكتيريا الجمرة الخبيثة المعدلة وراثيا للقضاء على الأورام السرطانية

رغم فتكها، وربما بسببها

يثير مرض الجمرة الخبيثة ارتباطًا مباشرًا بالحرب البيولوجية وأسلحة الدمار الشامل. وتعتبر بكتيريا الجمرة الخبيثة هي الأكثر خطورة وقدرتها على التسبب في الموت السريع معروفة لدى العلماء منذ زمن طويل. لكن على الرغم من خصائصها القاتلة، وربما بسبب هذه الخصائص، فإن هذه البكتيريا قد تفتح الباب أمام علاج جديد واعد ضد العديد من أنواع الأورام السرطانية.

وفي الأسبوع الماضي، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن علماء من المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة تمكنوا من تدمير الأورام السرطانية بمساعدة مادة سامة تنتجها بكتيريا الجمرة الخبيثة. وفي التجارب المعملية التي أجريت على الفئران، تبين أن المادة فعالة للغاية: فبعد علاج واحد بها، تقلصت بعض الأورام السرطانية بنسبة 92%.

عندما تهاجم بكتيريا الجمرة الخبيثة الجسم، فإنها تلتصق بالخلايا السليمة وتبدأ في إنتاج السموم التي تقتلها. واستخدم الباحثون تقنيات الهندسة الوراثية لجعل بكتيريا الجمرة الخبيثة تنتج السم فقط عندما تلتصق بالخلايا السرطانية في الجسم، ولا تنتجه عند الاتصال بالخلايا السليمة الطبيعية. كيف ستعرف البكتيريا أنها تلتصق فقط بالخلايا السرطانية؟
تحتوي الخلايا السرطانية على نسبة عالية من بروتين يوروكيناز. ولكن في الخلايا السليمة، يوجد تركيز أقل من البروتين. تم تصميم بكتيريا الجمرة الخبيثة وراثيا لإنتاج السم القاتل فقط عندما تكون على اتصال بخلية تحتوي على تركيز عال من اليوروكيناز، أي في الخلايا السرطانية، وبالتالي تمنع تلف الخلايا السليمة.

وأفاد الباحثون أنه بعد حوالي 12 ساعة من التعرض للسم، بدأت الخلايا السرطانية تموت بسرعة كبيرة. وأجريت الاختبارات على مجموعة متنوعة من الأورام في الفئران التي تحاكي الأورام البشرية. وبعد دورتين من العلاج، تم تسجيل انكماش بنسبة 88% في نوع الورم – الليفي، وهو ورم يصيب الإنسان بشكل رئيسي في عظام الحوض والأطراف.

وفي تجربة أخرى، تم اختبار تأثير السم على سرطان الجلد الميلانيني. يعتبر سرطان الجلد من هذا النوع خطيرًا بشكل خاص؛ وعلى الرغم من أنه يمثل 4% فقط من حالات سرطان الجلد، إلا أنه مسؤول عن حوالي 79% من الوفيات بين المصابين بسرطان الجلد. بعد العلاج الأولي بسم الجمرة الخبيثة، تم تسجيل انكماش أولي بنسبة 17٪ في الورم. بعد العلاج، تم تدمير معظم الأورام وتقلصت الأورام المتبقية بشكل شبه كامل. وعلى الرغم من الضرر السريع والنجاح في تدمير معظم الأورام، لم يلاحظ أي ضرر لخلايا الجلد السليمة وجذور الشعر المجاورة للورم. ويأمل الباحثون أن تؤكد هذه النتائج أن سم الجمرة الخبيثة يعمل بشكل انتقائي على الخلايا السرطانية ولا يضر الأنسجة المحيطة بها.

وقال رئيس المجموعة البحثية، الدكتور ستيف ليبيل، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية: "حقيقة أن السم الذي أنتجناه قادر على القضاء بشكل فعال على عدة أنواع من الأورام الصلبة يزيد من احتمال أن تكون فعاليته أعلى في علاج الأورام السرطانية". سرطان الدم، عندما يكون الوصول إلى الخلايا السرطانية أفضل. نحن ندرس هذا الاحتمال الآن."

ردًا على المنشور، قال باحثون في مجال السرطان من معاهد بحثية مختلفة إنه من الضروري الانتظار حتى يتم إجراء المزيد من الاختبارات قبل أن يكون من الممكن تأكيد نتائج البحث. وأكد الباحثون أن استخدام السم الناتج عن بكتيريا الجمرة الخبيثة على البشر لن يكون ممكنا قبل استكمال العديد من الاختبارات الإضافية.

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.