تغطية شاملة

كيف تستشعر الخلايا في أجسامنا البيئة المحيطة بها؟

تتمتع الخلايا بحاسة شم موثوقة تسمح لها بالنمو في الاتجاه الصحيح، اعتمادًا على مصدر الرائحة. تمكن الباحثون الآن من فهم كيفية عمل حاسة الشم في الخلايا.

الموقع القطبي (الجزء الأصفر) هو كاشف ومعالج ومحرك، كل ذلك معا، أي - وسيلة متعددة الوظائف تتحكم في نمو وحركة الخلية الواحدة. [بإذن من المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ]
الموقع القطبي (الجزء الأصفر) هو كاشف ومعالج ومحرك، كل ذلك معا، أي - وسيلة متعددة الوظائف تتحكم في نمو وحركة الخلية الواحدة. [بإذن من المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ]

[ترجمة د.نحماني موشيه]

من المشاكل الشائعة التي تواجه الخلايا أنها محاطة بسحابة من الروائح وتحتاج إلى تحديد اتجاه مصدرها. فالخلايا العصبية، على سبيل المثال، تصنع امتدادات طويلة تمتد في اتجاه الإشارات القادمة من الخلايا الأخرى، وذلك من أجل تكوين الشبكة التي يتكون منها الجهاز العصبي؛ وبالمثل، تكتشف الخلايا الزبالة رائحة البكتيريا الضارة من أجل مطاردتها وتدميرها. ولكن كيف تتمكن الخلايا من شم هذه الإشارات التي تصبح أضعف فأضعف مع البعد عن المصدر؟ كيف "تقرأ" الخلايا هذه الإشارة المتضائلة - المعروفة باسم سلسلة الإشارة - من أجل توجيه اتجاه نموها أو حركتها نحو مصدر الإشارة؟ تعد الطريقة التي تحدد بها الخلايا الإشارات في الفضاء سؤالًا مهمًا في مجال علم الأحياء، وحتى يومنا هذا يظل هذا اللغز بدون إجابة مناسبة.

والآن، ربما تم العثور على الحل من قبل فريق من الباحثين بقيادة البروفيسور ماتياس بيتر، من معهد زيورخ للتكنولوجيا (ETH). تحتوي خلايا الخميرة على جهاز متعدد الوظائف حساس للغاية يكتشف الإشارات الكيميائية ويعالجها وفقًا لذلك ويبدأ الاستجابة المناسبة - النمو نحو مصدر الإشارة. وبالتالي، فإن خلايا الخميرة قادرة على "شم" موقع الشركاء المحتملين للتكاثر في بيئتهم، وبالتالي يمكنها التحرك نحوهم. أجرى علماء الأحياء أبحاثهم باستخدام مجموعة من الملاحظات المجهرية ونموذج حاسوبي قاموا بتطويره بالتعاون متعدد التخصصات مع باحثين آخرين. إذا اشتبهت الخلية في وجود سلسلة إشارة في محيطها، فإنها تضع وسائل الكشف الخاصة بها في موضع عشوائي على الغشاء. وهذا الوسط عبارة عن بروتين كبير يتكون من أكثر من مائة مكون مختلف؛ البروتين كبير جدًا بحيث يمكن اكتشافه تحت المجهر الفلوري. يطلق الباحثون على هذا الوضع اسم "موقع القطبية" لأن النمو القطبي يحدث في ذلك الموقع.

وباستخدام المجهر الفلوري، تمكن الباحثون من ملاحظة كيفية تحديد موقع القطبية لمصدر سلسلة الإشارة. في الخطوة الأولى، يتحرك الموقع على طول الغشاء إلى النقطة التي تكون فيها الإشارة أقوى. بمجرد اكتشاف أقوى إشارة، أي أن تركيز الإشارة في السلسلة هو الأعلى - فإنه يتوقف عن الحركة. في الخطوة التالية، يقوم الموقع بإنشاء انتفاخ في الخلية عند هذه النقطة، وهو انتفاخ يستمر في التوسع باتجاه مصدر الإشارة. وبطبيعة الحال، يتم إنشاء الإشارة من قبل الشريك التناسلي وتندمج الخليتان بمجرد أن تلتقيا ببعضهما البعض.

ومن أجل فهم الآليات الجزيئية لهذه العملية، استخدم الباحثون نموذجًا حاسوبيًا. يقول أحد الباحثين، والذي شارك أيضًا في المقالة المنشورة في المجلة العلمية Developmental Cell: "لقد ساعدنا هذا النموذج في تقليل تعقيد موقع القطبية والعملية إلى عدد صغير فقط من المكونات الأساسية". وتشمل هذه المكونات الأساسية المستقبل الذي يستقبل الإشارة ويمررها؛ وتشمل المكونات الأخرى البروتين Cdc42، الذي ينقل المستقبل عبر غشاء الخلية، والبروتين Cdc24، الذي ينظم نشاط البروتين Cdc42. يوضح الباحث الرئيسي: "يمكنك أن تتخيل المستقبل كالأنف، وبروتين Cdc42 كعجلة قيادة الآلة، وبروتين Cdc24 كمكابحها". وبينما يتحرك الموقع القطبي على طول غشاء الخلية بحثًا عن أقوى إشارة كيميائية، لا يوجد سوى عدد قليل من جزيئات البروتين Cdc24 داخل الجهاز نفسه. وبمجرد تحديد النقطة التي يكون فيها تركيز الإشارة أعلى، يطلب الموقع القطبي، أو ما يسمى بالأنف، ويستقبل جزيئات Cdc24 إضافية، والتي يتم تخزينها عادة في نواة الخلية. كلما زاد عدد جزيئات Cdc24، كلما كان تشغيل الآلة أبطأ. وفي الوقت نفسه، فقط عندما يصل عددهم إلى عتبة معينة، يتوقف الموقع القطبي عن نشاطه ويبدأ في تكوين النتوء في الخلية.

"في البداية، تمكنا من اكتشاف حركة الموقع القطبي بمساعدة المجهر الفلوري. وفي الخطوة التالية قمنا بمحاكاة هذه الحركة في نموذج حاسوبي، مما سمح لنا بصياغة الفرضية المتعلقة بكيفية التحكم في هذه الحركة. وفي الخطوة التالية، تمكنا من التحقق تجريبيًا من فرضيتنا عن طريق إدخال طفرات في الخلايا واستخدام المجهر الفلوري". ويضيف ويشير إلى أن نموذج الكمبيوتر البسيط الذي صاغوه أتاح لهم أساسًا ممتازًا لتصميم التجارب التي يمكنهم من خلالها تغيير المكونات بسرعة وتحديد العناصر المهمة. لقد جعل النموذج البحث أكثر بساطة، لأنه جعل الحاجة إلى إجراء العديد من التجارب غير ضرورية.

ويقدر الباحثون أن خلايا الخميرة لا تستخدم وسيلة الكشف هذه فحسب، بل لوحظ أيضًا سلوك مماثل في الديدان المستديرة، دون تفسير جزيئي حتى الآن. لقد قدم الباحثون في معهد زيوريخ للتكنولوجيا الآن تفسيرًا منطقيًا ووصفوا بتفصيل كبير، لأول مرة على الإطلاق، كيف تتمكن الخلايا من اكتشاف سلسلة الإشارة واستشعارها. تمهد هذه الدراسة الطريق لمزيد من الدراسات في مجال استشعار الإشارات المكانية بواسطة الخلايا – سواء في خلايا الخميرة أو في الخلايا البشرية. ويشير أحد الباحثين: "على الرغم من أننا لا نرى حاليًا تطبيقات طبية مباشرة تنمو من هذا البحث، إلا أنه في المستقبل البعيد يمكن أن تعود النتائج بفائدة كبيرة على رفاهية البشرية. وفي الوقت الحالي، تشكل النتائج تقدمًا مهمًا في الأبحاث الأساسية لسلوك الخلية."

 

תגובה אחת

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.