تغطية شاملة

سر الجراد: كيف يتحول الجنادب الانفرادي وغير المؤذي إلى سرب مفترس يلتهم كل نبات في طريقه؟

وجد الباحثون في جامعة تل أبيب صلة بين البكتيريا الموجودة في أمعاء الجندب والظاهرة المدمرة المتمثلة في الاحتشاد والهجرة

الجراد الصحراوي يأكل العشب. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com
الجراد الصحراوي يأكل العشب. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com

"إن أسراب الجراد التي تدمر المحاصيل وتسبب الجوع الشديد ظاهرة معروفة منذ القدم وحتى يومنا هذا. وفي السنوات الثلاث الماضية، أثر وباء الجراد على مناطق واسعة في أفريقيا والهند وباكستان، وهناك تقديرات تشير إلى أنه من المتوقع أن تزداد الظاهرة بسبب تغير المناخ. الشرح الشرح البروفيسور أمير إيلي من مدرسة علم الحيوان. "يتشكل سرب الجراد عندما يتجمع الجراد، الذي يعيش معظمه بمفرده في الطبيعة، ويبدأ في الهجرة، لكن أسباب هذا السلوك لا تزال غير مفهومة بشكل كافٍ، ولا يزال الإنسان عاجزًا أمامه. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة أن الميكروبيوم قد يؤثر على السلوك بشكل عام والسلوك الاجتماعي بشكل خاص للحيوان المضيف، من بين أمور أخرى بين الحشرات. نحن نحقق في احتمال أن يكون للميكروبيوم، أي تجمعات البكتيريا في أمعاء الجندب، دور في الاحتشاد الذي يخلق سرب الجراد، وقد نشرنا عدة مقالات حول هذا الموضوع. وفي الدراسة الحالية، اتخذنا الاختبار خطوة أخرى إلى الأمام."

اكتشف فريق البحث بقيادة البروفيسور أمير إيلي وطالب الدكتوراه عمر لافي أن عدد البكتيريا المعوية (الميكروبيوم) للجندب الذي يعيش بمفرده يتغير بشكل كبير عندما ينضم إلى القطيع. والنتيجة الرئيسية هي بكتيريا تُعرف باسم Weissella والتي نادرًا ما يتم ملاحظتها في أمعاء جندب واحد ولكنها تصبح مهيمنة في الميكروبيوم عند انضمامها إلى القطيع. بالإضافة إلى ذلك، قام الباحثون ببناء نموذج رياضي يثبت أن الاحتشاد "ممكن" بالنسبة للبكتيريا من وجهة نظر تطورية، لأنه يسمح لها بالانتشار وإصابة عدد كبير من الجنادب الإضافية. وبحسب الباحثين فإن "النتائج التي توصلنا إليها لا تثبت أن البكتيريا مسؤولة عن ظاهرة الاحتشاد والهجرة - أي خلق الجراد، لكن من المرجح أنها تلعب دورا في هذه الظاهرة، وهذا أمر فرضية جديدة لم يتم طرحها حتى الآن. ونأمل أن تشكل الرؤية الجديدة الأساس لتطوير تدابير لمنع أو الحد من ظاهرة الجراد التي تضر أعداداً كبيرة من الناس والحيوانات والنباتات في العالم.

وشارك في الدراسة أيضًا البروفيسور الدنماركي ليلاك أوهاد ليفين إبشتاين ويوناتان بيندت من كلية علوم النبات وسلامة الأغذية، والبروفيسور أوري جوفنا من كلية سيمونيس للأبحاث الطبية الحيوية وأبحاث السرطان، والدكتور إيران جيفين من حيفا- جامعة أورانيم. يعد هذا البحث مثالًا جميلاً للتعاون الناجح متعدد التخصصات: باحثون في سلوك الحشرات وعلم وظائف الأعضاء (إيلي، جيفين)، باحثون في علم الأحياء الدقيقة والبكتيريا (جوفنا)، وخبراء في النماذج التطورية الحاسوبية (هاداني). تم نشر المقال في مجلة علم الأحياء الدقيقة البيئي .

الهتاف جدير بالاهتمام

وكجزء من الدراسة، قام الباحثون بتربية الجنادب من نوع الجراد الصحراوي في المختبر، بشكل فردي وفي مجموعات. قاموا بجمع البراز من الجنادب التي تمت تربيتها في عزلة، واستخدموها لتوصيف تجمعات بكتيريا الأمعاء، ثم أضافوها إلى مجموعة كبيرة مكونة من حوالي 200 جراد. وفي تكرار أخذ العينات، بعد 7 أيام، تم العثور على تغيير كبير في الميكروبيوم الخاص بالجندب الذي تم تربيته بشكل فردي وإضافته إلى المجموعة. عمر لافي: "التغيير الرئيسي الذي وجدناه كان في توزيع بكتيريا تسمى فايسيلا. هذه البكتيريا، التي كانت غائبة تمامًا تقريبًا عن ميكروبيوم الجندب المنفرد، أصبحت سائدة في الميكروبيوم بعد إضافة الجندب إلى القطيع."

وفي الخطوة التالية، قام الباحثون ببناء نموذج رياضي أظهر أن الاحتشاد "ممكن" بالنسبة للبكتيريا من وجهة نظر تطورية، لأنه يسمح لها بالانتشار وإصابة المزيد من الجنادب. ونظرًا للميزة التطورية الموضحة في النموذج، طرح الباحثون فرضية جديدة، مفادها أن البكتيريا قد تلعب دورًا في السلوك الذي يخلق الاحتشاد بين الجنادب. بمعنى آخر، قد تشجع البكتيريا بطريقة ما الجندب المضيف على تغيير سلوكه والاقتراب من الجنادب الأخرى.

ويختتم البروفيسور إيلي قائلاً: "يقدم بحثنا مساهمة مهمة في فهم ظاهرة احتشاد الجنادب وتكوين أسراب الجراد - أحد الأسباب الرئيسية للجوع في العالم، منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. وجدنا في الدراسة تغيرًا ملحوظًا في تكوين مجموعة بكتيريا الأمعاء في الجنادب التي تنتقل من حدث واحد إلى حدث قطيع. التغيير الرئيسي هو الاستزراع الهائل للبكتيريا المعروفة باسم فايسيلا، والتي نادرًا ما يتم ملاحظتها في الميكروبيوم الخاص بالجندب الفردي، ولكنها تسيطر على التجمعات البكتيرية المعوية عندما ينضم الجندب إلى القطيع. وقمنا أيضًا ببناء نموذج رياضي يثبت أن البكتيريا لها "اهتمام" تطوري في انضمام الجندب البديل إلى القطيع. ورغم أن النتائج لا تثبت أن البكتيريا مسؤولة عن ظاهرة اللهب والهجرة - أي خلق الجراد، إلا أنها تشير إلى احتمال كبير أن يكون لها دور في الظاهرة، وهذه فرضية جديدة تم التوصل إليها لم يتم رفعها حتى الآن. ونأمل أن تشكل الرؤية الجديدة الأساس لتطوير تدابير لمنع أو الحد من ظاهرة الجراد التي تضر أعداداً كبيرة من الناس والحيوانات والنباتات في العالم.

المزيد عن الموضوع على موقع العلوم: