تغطية شاملة

إدخال البكتيريا إلى "حالة فوضوية" كوسيلة لعلاج الأمراض

وجدت دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature المرموقة أن البكتيريا في حالة الفوضى تكون أقل حساسية للعلاج الدوائي القياسي. طور الباحثون نموذجًا إحصائيًا يتنبأ بنتائج العلاج بالمضادات الحيوية، وبناءً على ذلك يقدمون استراتيجية علاجية جديدة: الإدخال المتعمد للبكتيريا في حالة فوضوية - وشفاء الخلايا باستخدام أدوية مكيفة خصيصًا لهذه الحالة  

مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com
مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com

تتبعت دراسة إسرائيلية جديدة سلوك الخلايا في المواقف الفوضوية، بهدف تحسين جودة الرعاية الطبية. نُشرت نتائجه مؤخرًا في مقال في المجلة الدولية Nature (ملاحظة ديناميكيات "الشيخوخة" العالمية في ثبات المضادات الحيوية). تم إجراء البحث بقيادة البروفيسور نتالي لابان من معهد راكاح للفيزياء، مع الطالب يوآف كابلان ومجموعة بحثية متنوعة في التخصصات الحيوية تضم طلاب في برنامج تيلبيوت (شاكيد رايخ وأليك أوستر)، د. (أوريت جيفن) ودكتور الأحياء (إيرا رونين). توفر نتائج البحث نهجا جديدا لوصف الاضطرابات في الحالة الخلوية. بينما حتى اليوم كان الرأي السائد في هذا المجال هو أن هذه آلية دفاع منظمة تمنع البكتيريا من الانقسام بشكل صحيح، لكنها في الحقيقة فوضى غير مخطط لها. ويوضح البروفيسور لابان أنه "حتى عندما نتغلب على مرض معين، فإن العلاج الدوائي اليوم غير قادر على قتل جميع البكتيريا "السيئة". فقد وجد أن المضادات الحيوية، على سبيل المثال، تضع بعض البكتيريا في حالة خلل وظيفي وتجعلها أقل حساسية للعلاج المتكرر. ولذلك، فإن مجموعة من المواد التي تضع البكتيريا في حالة فوضوية، والأدوية التي تضر البكتيريا على وجه التحديد في هذه الحالة، ستكون قادرة على الاستفادة من حالتها بطريقة ذكية لعلاج المرض.

 

في الصورة: في الجزء الأحمر: بكتيريا في "حالة الإجهاد" - لا تنمو. في الأجزاء باللون الأخضر: إعادة النمو، الضغط متوقف.
في الصورة: في الجزء الأحمر: بكتيريا في "حالة الإجهاد" - لا تنمو. في الأجزاء باللون الأخضر: إعادة النمو، الضغط متوقف.

 

تتعرض البكتيريا يوميًا لظروف قاسية من البرد والحرارة ونقص الغذاء وغير ذلك الكثير. لحسن حظهم (وأحيانًا لسوء الحظ بالنسبة لنا)، تسبب التطور في تطوير آليات دفاعية متطورة للغاية بالنسبة لهم: استجابةً للبرد الخارجي، ينتجون مواد تحمي من البرد، وفي الظروف الحارة - ينتجون مواد تحمي من الحرارة ، و اكثر. التصور الشائع هو أن آليات الدفاع عن البكتيريا ستعمل بشكل صحيح، وإلا فإن البكتيريا سوف تموت. واكتشف فريق الباحثين حالة وسطية جديدة للبكتيريا، بعد تعرضها لظروف قاسية: "الحالة الفوضوية"، وهي حالة داخلية تتميز باضطرابات في الحالة الخلوية. تنشأ هذه الحالة في البكتيريا عندما تكون آليات دفاعها مرهقة وتفشل في التغلب على الظروف البيئية القاسية. ورغم ذلك فإنها لا تموت، بل تتوقف عن الانقسام وتدخل في حالة تكون أنظمتها في حالة من الفوضى. اتضح أنه في مثل هذه الحالة، تكون البكتيريا التي تتوقف عن الانقسام أكثر حماية ضد المضادات الحيوية، لأن الكثير منها مصمم لإتلاف عملية تقسيم البكتيريا. علاوة على ذلك، يتم اختبار معظم عملية تطوير المضادات الحيوية على البكتيريا المنقسمة وليس في حالة فوضوية.  

وكجزء من البحث، سيتعاون الباحثون مع البروفيسور عوديد عجم، من كلية الرياضيات والعلوم الطبيعية في الجامعة العبرية، والمتخصص في نظرية الفيزياء الإحصائية. ونجحوا معًا في تطوير نموذج إحصائي قادر على التنبؤ بنتائج العلاج بالمضادات الحيوية. "إحدى السمات المميزة للاضطرابات في الحالة الخلوية هي أن البكتيريا المتطابقة، على سبيل المثال البكتيريا التوأم التي لها نفس الحمض النووي، تبدأ في التصرف بطريقة مختلفة تمامًا يصعب على الأطباء فهمها، مما يقلل من فعالية العلاج الدوائي". يشرح البروفيسور لابان. "في الواقع، هذه طريقة جديدة في التفكير، والتي بموجبها تكون الفيزياء الإحصائية قادرة على فهم سلوك الخلايا في المواقف العصيبة وبالتالي تحسين فعالية علاج الأمراض المختلفة. " 

وبهذه الطريقة، فإن التعرض للاضطرابات والتوصيف الكمي لها في الحالة الطبيعية للخلايا سيسمح بتطوير علاجات طبية أفضل في المستقبل. ويأمل الباحثون أن يكون من الممكن الاستفادة من الخصائص العامة لـ"حالة الفوضى الخلوية"، وكذلك إيجاد تركيبات ذكية لعلاج السرطان. "سنكون قادرين على القضاء على الخلايا ليس فقط في حالتها الطبيعية، ولكن أيضًا عندما تكون في حالة غير قياسية ومراوغة - وهو أمر قد يحسن العلاج الدوائي وبالتالي يساعدنا على العودة إلى نمط حياة طبيعي في أقرب وقت ممكن."يختتم البروفيسور لابان.

النشر العلمي