تغطية شاملة

تم الكشف عن العواقب السلبية التي لحقت بالمخيخ نتيجة الطفرة

من الدراسة.
من الدراسة.

في السنوات الأخيرة كان هناك تقدم كبير في دراسة وراثة مرض التوحد، وقد وجد أن الطفرات في عشرات الجينات تشارك في مرض التوحد وغيره من اضطرابات النمو العصبي. أثارت هذه النتائج تساؤلات حول القواسم المشتركة بين هذه الجينات وكيفية تأثيرها على الدماغ. وفي دراسة سابقة في مختبر البروفيسور شجيب شيبمان من معهد علوم الحياة ومركز التوحد في الجامعة العبرية في القدس، تبين أن الشيء الذي يميز جزءا كبيرا من الجينات المرتبطة بالتوحد هو مشاركتها في التحكم في نشاط العديد من الجينات الأخرى، والتي تنشط بشكل خاص في ثلاث مناطق من الدماغ - القشرة (القشرة الدماغية)، والجسم المخطط (جزء تحت القشرية من الدماغ) والمخيخ (المخيخ). يلعب المخيخ دورًا مركزيًا في تنسيق النشاط الحركي، ومؤخرًا هناك أدلة متزايدة على أنه يشارك أيضًا في تطوير النشاط المعرفي والاجتماعي. ولذلك، فإن فهم نشاط المخيخ والجينات التي تؤثر عليه يمكن أن يساعد في فهم الآليات المشاركة في مرض التوحد، وربما يؤدي أيضًا إلى طرق جديدة للعلاج.

وفي دراسة جديدة نشرت مؤخرا فيطبيعة الاتصالات سوف ندرس دور أحد الجينات المميزة لمرض التوحد والذي يسمى POGZ. لم يكن اختيار هذا الجين عرضيًا - كان البروفيسور شيبمان مهتمًا بـ POGZ لأنه من المعروف أن الطفرات في هذا الجين لدى البشر تسبب تأخيرًا كبيرًا في النمو وبشكل أكثر تحديدًا، عند الأطفال الذين لديهم طفرة في جين POGZ، فقد وجد أنه على الرغم من أن بعض منهم من تم تشخيصهم بأنهم مصابون بطيف التوحد، ويميلون إلى التصرف بطريقة اجتماعية مفرطة. شارك البروفيسور شجيب شيبمان في الدراسة الجديدة مع البروفيسور يوسف ياروم من معهد علوم الحياة ومركز أبحاث الدماغ في الجامعة العبرية، وطالبي الدكتوراه رعوت سليمان لافي وبن تيتل، بالتعاون مع مختبرات دولية. قام الباحثون بفحص كيفية تأثير طفرة في جين POGZ لدى الفئران على نمو الدماغ، وكذلك على سلوك ووظيفة المخيخ.

مكونات الدماغ. ويظهر المخيخ باللون الرمادي في أسفل الرأس، بجوار العمود الفقري. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com
بنية الدماغ ويظهر المخيخ باللون الرمادي في أسفل الرأس، بجوار العمود الفقري. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com

وفي هذه الدراسة، قام الباحثون بإنشاء نموذج فأر لديه طفرة في الجين الموجود في الدماغ. وقاموا بتتبع سلوك الفئران وتطورها لمعرفة تأثير التغير الجيني فيها، ووجدوا أن الطفرة تؤثر على السلوك الاجتماعي والمعرفي لدى الفئران بطريقة مشابهة لتلك التي لوحظت لدى البشر الذين لديهم طفرة في بوغز. وبشكل عام أيضًا، وجد الباحثون أن الطفرة في الجين تجعل الفئران اجتماعية بشكل مفرط، وتضعف قدرتها على التعلم، وتؤخر نموها.

وعلى وجه التحديد، وجد الباحثون أن جين POGZ يلعب دورًا مهمًا في تكوين الخلايا العصبية في الدماغ. في الدماغ النامي، يكون لعدد الخلايا التي تنقسم وتنتج خلايا إضافية أهمية كبيرة، وكذلك التوقيت الذي تتوقف عنده عن الانقسام وتتمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا العصبية. تم اكتشاف أيضًا أن POGZ يشارك في التحكم في انقسام الخلايا. تؤدي طفرة في هذا الجين إلى زيادة عدد الخلايا التي تتوقف عن الانقسام وتتمايز إلى خلايا عصبية، وهو الوضع الذي يؤدي في النهاية إلى وجود عدد أقل من الخلايا في الدماغ. يمكن أن تفسر هذه النتيجة سبب إصابة بعض الأطفال الذين لديهم طفرة في هذا الجين بصغر الرأس (محيط رأس صغير للغاية). ووجد الباحثون أيضًا أن الطفرة تقلل من توليد الخلايا العصبية في أحد المواقع الوحيدة في الدماغ التي يتم فيها توليد الخلايا العصبية في الدماغ البالغ.

هناك دور محدد آخر لجين POGZ وهو تنظيم الجينات الأخرى. في البحث، وجد أن البروتين المشفر بواسطة جين POGZ يمكنه إسكات التعبير عن الجينات المختلفة، مما يعني أن الجين يعمل كنوع من مفتاح إيقاف الجينات الأخرى. وعليه، فقد وجد أن طفرة في جين POGZ تسببت في تغير تعبير العديد من الجينات في الدماغ، وأظهر العديد منها زيادة في النشاط بسبب الطفرة في POGZ. ومن بين الجينات التي تغيرت، كان هناك تمثيل واضح للجينات المعروفة بارتباطها بالتوحد.

وبالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون ذلك في المخيخ وكان عدد الجينات التي تغيرت أكبر بثلاث مرات مقارنة بمنطقة أخرى من الدماغ تم فحصها. وقد وجد أيضًا أن تلف جين POGZ في دماغ الحيوان النموذجي يؤثر على النشاط الطبيعي للخلايا العصبية في المخيخ. أجرى الباحثون تسجيلاً كهربائياً من خلايا بركنجي، وهي خلايا عصبية تنقل مخرجات القشرة المخيخية إلى الجهاز العصبي المركزي. وأظهر التسجيل أن هناك انخفاضًا كبيرًا في النشاط الكهربائي في خلايا بوركنجي بعد حدوث طفرة في POGZ. أي أن المعلومات التي تذهب إلى النظام المركزي تتضرر ونتيجة لذلك تحدث تغيرات في نشاط الدماغ.

في الختام، فإن الطفرة في الجين تؤثر على تطور ووظيفة الدماغ، وخاصة المخيخ. لا توجد حاليًا أدوية فعالة لعلاج الأعراض الرئيسية لمرض التوحد، ولكن البروفيسور ياروم والبروفيسور شيبمان ويعتقد أن أعمالهم البحثية ونتائجها قد تساهم في إيجاد طرق جديدة لتطوير أدوية لعلاج مرض التوحد، عن طريق تغيير الدوائر العصبية في المخيخ. الدراسات السابقة في المختبر البروفيسور ياروم وأظهروا أنه من الممكن تغيير نمط النشاط العصبي في المخيخ بواسطة مواد كيميائية مختلفة. وفي دراسة متابعة، سيهتم الباحثون باختبار ما إذا كان هناك إمكانية لإعادة الفئران إلى التصرف بشكل طبيعي عن طريق تغيير نشاط المخيخ.

ويخلص البروفيسور شيبمان والبروفيسور ياروم إلى أن "العمل على هذا الجين المعين الذي يسبب مرض التوحد ويؤثر بشكل كبير على وظائف المخ يمنحنا أملاً جديداً في إمكانية اكتشاف دواء يساعد الأطفال المصابين بالتوحد". آليات الدماغ في مرض التوحد تفتح الأمل لتطوير علاجات جديدة".

النشر في المجلة: