تغطية شاملة

تيار كهربائي "صحي" داخل جسم الإنسان

طور باحثون في جامعة تل أبيب مادة مبتكرة تنتج طاقة خضراء من خلال تطبيق القوة الميكانيكية

تطور جديد في تكنولوجيا النانو قام به فريق بحث دولي بقيادة باحثين من جامعة تل أبيب، سيجعل من الممكن إنتاج تيار كهربائي وجهد كهربائي داخل جسم الإنسان، من خلال تنشيط أعضاء مختلفة في الجسم (القوة الميكانيكية). ووفقا للباحثين، يحتوي التطوير على مادة بيولوجية قوية للغاية ومبتكرة، تشبه الكولاجين، وغير سامة وصديقة لأنسجة الجسم. ويقدر الباحثون أن لتقنية النانو الجديدة العديد من التطبيقات المحتملة في مجال الطب، بما في ذلك حصد الطاقة النظيفة لتشغيل الأجهزة المزروعة في الجسم (مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب) من خلال الحركات الطبيعية للجسم ودون الحاجة إلى بطاريات.

"الكولاجين هو البروتين الأكثر شيوعًا في جسم الإنسان، ويشكل حوالي 30٪ من جميع البروتينات الموجودة في جسمنا. "إنها مادة بيولوجية ذات هيكل حلزوني، مع مجموعة متنوعة من الخصائص الفيزيائية الهامة، مثل القوة الميكانيكية والمرونة، والتي يمكن أن تكون مناسبة للعديد من الاستخدامات"، يوضح البروفيسور إيهود غازيت. "ومع ذلك، نظرًا لأن جزيء الكولاجين نفسه كبير ومعقد، فقد كان الباحثون يبحثون لفترة طويلة عن جزيء بسيط وقصير وبسيط يعتمد على الكولاجين ويظهر خصائص مماثلة."

"منذ حوالي عام ونصف، نشرت مجموعتنا في مجلة Nature Materials دراسة استخدمنا فيها وسائل تكنولوجيا النانو لهندسة مادة بيولوجية جديدة تلبي هذه المتطلبات. إنه ثلاثي الببتيد - جزيء قصير جدًا يسمى Hyp-Phe-Phe، يتكون من ثلاثة أحماض أمينية فقط - وهو قادر على تكوين بنية حلزونية تشبه الكولاجين، مرنة وذات قوة مماثلة لتلك الموجودة في معدن التيتانيوم، من خلال عملية بسيطة للتجميع الذاتي. في الدراسة الحالية، سعينا إلى فحص ما إذا كانت المادة الجديدة التي طورناها لها خاصية أخرى تميز الكولاجين - الكهرباء الضغطية: قدرة المادة على توليد تيار كهربائي وجهد بعد تطبيق القوة الميكانيكية، أو على العكس من ذلك، توليد قوة ميكانيكية بعد تطبيق القوة الميكانيكية. التعرض للمجال الكهربائي."

البروفيسور إيهود غازيت، جامعة تل أبيب
البروفيسور ايهود غازيت. تصوير: المتحدث باسم جامعة تل أبيب

تم إجراء البحث تحت قيادة البروفيسور غازيت من كلية شيمونيس لأبحاث الطب الحيوي والسرطان في كلية علوم الحياة ومن قسم علوم وهندسة المواد في كلية الهندسة بمشاركة فريق الباحثين من مختبره - د.سانتو بارا و د.وي جي. كما شارك في الدراسة باحثون من معهد وايزمان ومجموعة متنوعة من المؤسسات البحثية في أيرلندا والصين وأستراليا. بعد النتائج، حصل الباحثون مؤخرًا على منحتين من ERC-POC تهدفان إلى ترجمة البحث العلمي لمنحة ERC التي فازت بها غازيت سابقًا إلى تكنولوجيا تطبيقية. تم نشر المقال في مجلة Nature Communications المرموقة.

وكجزء من البحث، أنشأ الباحثون هياكل نانومترية من المواد الهندسية، وبمساعدة معدات تكنولوجيا النانو المتقدمة، قاموا بتطبيق الضغط الميكانيكي عليها. وأظهرت التجربة أن المادة تنتج تيارًا كهربائيًا وجهدًا كهربائيًا نتيجة للضغط. علاوة على ذلك، أظهرت الهياكل الصغيرة التي يبلغ حجمها مئات النانومترات كهرضغطية هي واحدة من أعلى النسب المكتشفة على الإطلاق، وتعادل أو تتجاوز تلك الموجودة في المواد الكهرضغطية الشائعة في السوق اليوم (معظمها يحتوي على الرصاص وبالتالي فهي غير مناسبة للتطبيقات الطبية). ).  

محرك صغير وودود

ووفقا للباحثين، فإن اكتشاف كهرباء ضغطية بهذا الحجم في مادة نانوية له أهمية كبيرة، لأنه يوضح قدرة المادة المهندسة على العمل كنوع من المحرك الصغير للأجهزة الصغيرة جدا. لاحقًا، طبق الباحثون أساليب علم البلورات والحساب في ميكانيكا الكم (نظرية وظيفة الكثافة) من أجل فهم عميق للسلوك الكهرضغطي للمادة، بهدف تمكين التصنيع الدقيق للبلورات لبناء الأجهزة الطبية الحيوية.

ويضيف البروفيسور غازيت: "معظم المواد الكهرضغطية المعروفة اليوم هي مواد سامة تعتمد على الرصاص، أو البوليمرات، مما يعني أنها ليست صديقة للبيئة وجسم الإنسان. ومن ناحية أخرى، فإن مادتنا الجديدة بيولوجية تمامًا، وبالتالي فهي مناسبة للاستخدام داخل الجسم. على سبيل المثال، قد يحل جهاز مصنوع من هذه المادة محل البطارية التي تزود الطاقة المزروعة مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب، ولكن يجب استبدالها بشكل دوري. إن حركات الجسم - نبضات القلب، حركات الفك، حركات الأمعاء أو أي حركة أخرى تحدث في الجسم بشكل منتظم - سوف تشحن الجهاز بالكهرباء، مما يؤدي إلى تنشيط الزرعة مع مرور الوقت."

والآن، وكجزء من دراسات المتابعة، يسعى الباحثون إلى فهم الآليات الجزيئية للمادة المهندسة، بهدف إدراك الإمكانات الهائلة الكامنة فيها، وتحويل الاكتشاف العلمي إلى تكنولوجيا تطبيقية. في هذه المرحلة، يتم التركيز على تطوير الأجهزة الطبية، لكن البروفيسور غازيت يؤكد أن "المواد الكهرضغطية الصديقة للبيئة، مثل تلك التي قمنا بتطويرها، لديها إمكانات هائلة في مجموعة واسعة من المجالات - لأنها تنتج الطاقة الخضراء من خلال القوة الميكانيكية المطبقة بالفعل." على سبيل المثال، يمكن لسيارة تسير على الطريق أن تضيء أضواء الشارع. كما أن هذه المواد قد تحل محل المواد الكهرضغطية المحتوية على الرصاص والمستخدمة حاليًا على نطاق واسع، ولكنها تثير مخاوف بشأن تسرب المعدن السام إلى البيئة.

للمادة العلمية

المزيد عن الموضوع على موقع العلوم: